الثلاثاء، مايو ٢٩، ٢٠٠٧

أشعلوا الشمس

بات الظلام هو الأساس في هذا الكون ، غرق الكون اجمع في ظلام دامس وأصبح الناس لا يستسيغون الحياة إلا به ولا يستطيعون أن يفتحوا أعينهم في وجود الضوء ولو كان شعلة صغيرة بائسة تبحث عمن ينقذها حتى لا تنطفئ ، فيجهزون عليها سريعا ليطفئوها بكل ما أوتوا من قوة حتى لا يروا. حقا اجبر الناس في بادئ الأمر على الحياة في الظلام ( بعد أن استطاع جبابرة العالم أن يطفؤا الشمس .... نعم استطاعوا ان يصنعوا مادة غريبة في معاملهم وقاموا بإطفاء الشمس فأظلمت الدنيا بأمر من جبابرة العالم فهم لا يضيرهم من ذلك شيء فهم أصلا مخلوقات تحيا في الظلام وتعبده ) إلا ان الناس كما أراهم الآن غاية في الرضا والاستكانة لما فرض عليهم . وكأنهم نسوا أو تناسوا انه كان هناك ما يسمى ضوء . وإحقاقا للحق قد انتفض الناس في بادئ الأمر وهبوا ثائرين .. أنى لهم الحياة في ظل عدم وجود مصدر الضوء الرئيس ... لا بل في ظل عدم وجود ضوء أساسا على سطح الكوكب ؟؟؟؟ وإستطاع البعض منهم أن يفر إلى كواكب أخرى لكن الجبابرة استطاعوا أن يلحقوا بهم ويسجنوهم في سجون ليس فيها من سجون العالم من شيء فالسجين عندهم يتعرض لبعض الموجات الكهرومغناطيسية تجعله سجين نفسه وأفكاره وبذلك يصبح عديم القيمة وعديم النفع للمجتمع . وفي بادئ الأمر أيضا حاول البعض تنظيم ثورة عارمة بحيث يستطيعوا من خلالها الهجوم على مراكز الجبابرة ومعاملهم كي يحصلوا على الوقود ويشعلوا الشمس مرة أخرى ( مساكين هؤلاء البشر لا يعرفون ان الجبابرة أخفوا هذا الوقود في مكان أقرب ما يكون إلى البشر وأبعد ما يكون عن تفكيرهم ، أخفوه في البشر أنفسهم وهم لا يعلمون . وبعد فترة من الثورات والإعتراضات إستطاع الجبابرة ان يقضوا عليها جميعا ونهائيا ومعاقبة كل من تسول له نفسه التفكير في الإعتراض بالسجن المؤبد داخل نفسه أو قتله اذا اشتد خطره من وجهة نظرهم ، أصبح الناس كما ترون الآن مستكينون خاضعون خانعون يحيون في ظلام تام وهم في قمة السعادة لا يؤرقهم فيها شيء حتى تراهم اذا ثار في أحدهم حنينه إلى النور ... إلى النهار .... إلى الحياة .. قتلوه هم انفسهم كي لا يفسد عليهم سعادتهم الزائفة وحياتهم المستعارة ورضاهم بالظلم والذل..... وبالتالي كان الثوار لا يبوحون حتى لأنفسهم بثورتهم على هذا الظلام وكانت أقصى أمانيهم أن يذهبوا لمكانهم المعهود لرؤية النجم البعيد الوحيد الذي ما زال ضؤه موجود حتى وإن كان خافتا باهتا وما إن يصل احدهم إلى المكان ويرى الضوء حتى يصعق ويتردى قتيلا !!!!! قتله الضوء ليس إلا!!!!!! وظل الناس يعيشون في مثل هذه الظروف لسنوات طوال وأجيال عديدة حتى إذا ما حدث حادث بسيط لأحدهم ، وهو في الحقيقة ليس بسيطا بل هو البداية ... بداية نهاية هذا الظلام وانقشاعه وظهور النور مرة أخرى.... وان كان يبدو حادثا اعتياديا.... ما حدث هو كالتالي : عندما كان بطلنا أو صاحبنا يجري في طريقه الذي اعتاد الجري فيه لسنوات سقط فجأة في هوة ليست بالعميقة ولم يصبه شيء سوى جرح بسيط في احدى يديه وبالطبع لم يكن في مثل هذا الحادث ما يثير الناس او يلفت انتباههم فلقد اعتادوا على مثل هذه الحوادث فالجيايرة دائما ما كانوا يستمتعون بين الحين والاخر برؤية احدهم يسقط في مثل هذة الحفر. لكن كما قلت من قبل كان هذا الحادث البداية الحقيقية لإنقشاع الظلام .... كيف كان ذلك؟؟ لم يستطع بطلنا الراقد في تلك الحفرة ان يرى ان جرحه البسيط قد أغرق المكان دما بما لا يتناسب ابدا مع حجم الجرح الصغير البسيط فأصبح المكان مصبوغا باللون الأحمر .... وبذلك أصبح المكان مغطى تماما بالدماء وبذلك بدأ الأمر عندما تحرك بطلنا ببطئ وألم واحتك بهذه الأرضية المصبوغة بالدماء شعر حينها بدفء شديد و بوميض بسيط يشع من تحته فتحرك سريعا فإذا بالوميض يلاحقه وأينما ذهب يذهب معه ، وايقن حينها انه هو الوقود وأنه هو فقط مصدر الضوء أو الوميض . وبدأ تفكيره يكتشف سر مكان إخفاء الجبابرة للوقود ... لوقود الشمس وتوصل الى ان الإنسان هو هذا الوقود وأن عليه هو أن يوقد الشمس .... وظل صاحبنا في هذه الحفرة يفكر ويخطط ويدبر ونسي في خضم حماسه أنه ما زال حبيس هذه الحفرة وانه لا مجال لتنفيذ تخطيطه إلا إذا خرج منها..... وكأن القدر كان يأبى على الإنسان أن يحيا في ظل هذا الظلام إلى الأبد فقد وجد صاحبنا من يخرجه من هذه الحفرة وكان بطلنا من الحكمه بحيث كتم عن كل الناس أفكاره وما توصل اليه حتى وجد من يفكر بنفس طريقته لكنه لم يستطع بعد ان يصل الى نفس الإستنتاج فأخبره بطلنا بما لديه بعد أن استوثق منه وأصبح بطلنا بطلين . بعد أن اقتنع كل منهما بالآخر ووجدا استنتاجاتهما منطقية وإلا لما باءت كل محاولات الثوار السابقة بالفشل ... وبات هدف الإثنين واضحا جليا أمامهما أولا إقناع المزيد من البشر بأفكارهما وكان الشباب هم الأمل بالنسبة لصاحبينا وكانت هذه هي الخطوة الصعبة أو العقبة الأولى في طريقهما فالجبابرة يرسلون عيونهم في كل مكان ويأخذون كل من تسول له نفسه التحدث عن الثورة أو حتى يفكر فيها هذا بالإضافة إلى من يفكر حتى في رؤية الضوء دون ان يدعو أحد الى رؤيته فما بالك بمن يخبر الناس بمكان الوقود اللازم لإسترجاع حياتهم الحقيقة ؟! عمل بطلانا بكل جد وبسرية تامة وبإسلوب منفصل متصل بحيث أن كل فرد يعرف الحقيقة ويؤمن بأهمية إشعال الشمس والقضاء على الجبابرة والتخلص منهم يخبر آخر ممن يثق فيهم وهذا الآخر لا يعلم عن مصدر الفكرة أي شيء سوى من أخبره بها .. وبعد فترة من العمل الدؤب أصبحوا أكثر مما توقعوا وكان على بطلينا أن يفكرا في الخطوة التالية وهي الأصعب على الإطلاق أمامهم وهي رسم الخطة التي سيصلوا عن طريقها الى الشمس ... وكان الطريق إليها هو الطريق إلى نهاية الأرض وكان طريقا صعبا وعرا مراقب مراقبة شديدة من الجبابرة وأعوانهم فكيف يصلوا إليها ؟؟ كيف يصلوا إلى الشمس ليشعلوها بأنفسهم ؟؟ هل يجب عليهم ان يتخلصوا من الجبابرة أولا؟؟؟ وكانت الفكرة المطروحة عندهم هي ان يذهبوا إلى هذا الطريق فرادى بحيث يتجمعوا عند نقاط مختلفة ويتخلصوا من أعوان الجبابرة منفردين كلما واجهوهم حتى يصلوا لما يريدوا ، إلا أن حماسة الشباب لم تمنعهم من امعان التفكير مرة اخرى والإستماع الى رأي من إعترض قائلا بأن اعوان الجبابرة ليسوا بالهينين أو الضعاف أو القلة وانهم بالنسبة اليهم – أي الثوار بالنسبة لأعوان الجبابرة – قلة فلن يعجز هؤلاء عن القضاء عليهم أو حتى استدعاء المزيد من العوان للقضاء عليهم . وبعد أن بحثوا الموضوع كثيرا أو قتلوه بحثا كما يقولون لم يجدوا أمامهم إلا ان يزيدوا من أعدادهم .. لا.. بل لابد لهم من أن يقنعوا العالم أجمع البشر كلهم والناس الساكنين الساكتين الخانعين القابلين بالموت والخاضعين لسرقة حياتهم بكل بساطة وبدأت مرحلة جديدة من العمل الدؤب المتحمس وأخذت اعدادهم في الزيادة وعندما بلغوا عدد لا بأس به وإعتقدوا انه كاف لمقاومة الجبابرة بدأت دعوتهم تتخذ طريق العلن بدلا للسرية المطلقة التي سارت بها طريقا طويلا وكانوا يعلمون أنهم بذلك يبدأون حربا شاملة ... حرب بين البشر والجبابرة حرب سيضحون فيها كثيرا لكن هذا لم يثنيهم عن اصرارهم على تحقيق أهدافهم وإستعادة الحياه للعالم ولم يضعف عزيمتهم المتقدة ..... وبالفعل بدأت الحرب أكثر شراسة وضراوة مما يتخيل أي كائن حي .... حرب انتصر فيها البشر بعد أن فقدوا معظمهم وأضحوا قلة لكنهم استطاعوا في نهاية الأمر أن يصلوا إلى الشمس ويشعلوها بأنفسهم ... وأضاءت الدنيا على من تبقى من البشر وعلى الكثير من الأطفال الصغيرة التي لم تعتد بعد حياة الظلام .... أطفال شبوا على الضوء وعلى النهار وعاشوا الحياة الحقيقية ... أطفال علموا أولادهم بعد ذلك كيف ضحى الآباء من أجل استعادة الحياة المفقودة ... من اجل ان يحيا هؤلاء الأطفال حياة لم يستطع الآباء الحصول عليها.. واستمرت الشمس تضيء الكون وعادت الطبيعة كما كانت صبية غناء...

الأربعاء، مايو ٢٣، ٢٠٠٧

يوتوبيا الموسيقى

لن يتخيل احد ولن استطيع انا مهما حاولت وصف ما تفعل بي هذه النغمات الهادئة الجميلة المنسابة كالجدول الصغير في سلام . فهي تأخذني معها الى عالم خيالي ... عالم من صنعي انا ... من صنعي انا فقط ... عالم ليس به إلا الأحلام والسعادة ... عالم تتحقق به كل امنياتي بمجرد ان افكر بها ... عالم سماؤه صافية وجوه معتدل وشمسه ساطعة مشرقة دون ان تسبب لي الحر او الاذى ... عالم زهوره متفتحة يانعة الوانها بديعة متنوعة ... عالم اكثر الوانه انتشارا الاخضر الناصع اينما نظرت وجدت الاشجار اليافعة تحيط بك ... عالم كل ما به يدعو الى التفاؤل والسعادة ... عالم لم تعد الحرية به مطلبا عسير المنال بل باتت واقع ملموس ... عالم يحيا الناس فيه في تجانس وسلام لا يوجدان ولن يوجدا على سطح هذه الارض الحزينة ... عالم بات فيه العدل والمساواة نظاما طبيعيا وسلوكا تلقائيا لدى الناس ... عالم لا يوجد به فقراء وأغنياء بل يقدًر الإنسان فيه بقدر حبه وعطاؤه للآخرين ... عالم لا يوجد به امراض ولا مرضى يتألمون وأقصى ما يصاب به المرء هو نسمة باردة تصيبه ببعض الزكام ... عالم ليس للسرطان ولا الإلتهاب الكبدي ولا ارتفاع ضغط الدم ولا للبلهارسيا به أي مكان أو حتى منفذ ... عالم تختار فيه الشعوب من يقودها ولا يسمونه حاكما بل خادما ... عالم لا يعاني المرء فيه للحصول على الخبز المسمم بل يأتيه الخبز اينما كان صحيا صالحا دائما للإ ستخدام الآدمي ... عالم يحاسب فيه كل من يخطئ وتغلظ العقوبة كلما كان المخطئ عظيما او ذا شأن ومسئولية في القيادة ... وفي ظل هذا العالم وبين جنباته انسى انا واتناسى كل همومي الأرضية الإسلامية العربية المصرية ، فأصبح كالبحر الهائج الذي جاء ليحتمي ويسكن على جانبي شاطئه المفضل ؛ فتهدأ امواج نفسي وتتبعثر آهاتي وتتلاشى اناتي وتنتابني السعادة والنشوة الهادئة اللذيذة .. تأخذني معها لأصبح كالفراشة الرقيقة في فصل الربيع انتقل من زهرة لزهرة واتمتع بألوانها الخلابة ثم اتحول فجأة وفي بساطة شديدة الى سحابة صغيرة اسبح في السماء الزرقاء النقية لألقى الشمس باسمة وأحييها تحية سريعة قبل ان اتحول الى قطرات من المطر الهادئ الرائع لأتساقط تاركة خلفي قوس قزح بألوانه البديعة وأهبط لألامس الارض الطيبة الخصبة فتهتز وتنمو عليها نبته خضراء تنمو وتترعرع لأجدني في نهاية الأمر شجرة راسخة تتحدى بجمالها وأصالتها كل ماحولها ثم تهدأ وتلين عندما تأتي الرياح الطيبة وتدندن لها الطيور أعذب الألحان ليستظل بظلها انسان عجبا كيف تأتى لهؤلاء الذين يطلقون على انفسهم مطربين وملحنين الأغاني الشبابية أن يهينوا الموسيقى الى هذا الحد ؟ !!! أنى لهم ان ينزعوا عنها يوتوبيا الخيال الجميلة ليلبسوها كلمات لا معنى لها وأقل ما يقال عنها أنها سوقية ومنحطة ؟؟؟ وكيف هانت عليهم الموسيقى حتى يجعلوها عنوانا للإثارة الجنسية والشهوات ؟؟؟؟ كيف فعلوا هذا وهم من يطلقون على أنفسهم فنانين ؟؟؟ أنى للفنان ان يحول ارقى المعاني إلى شيء رخيص ؟؟؟ كيف حولوا الموسيقى إلى هذا الشيء الدنيء ؟؟؟؟ لا ادري ... سحقا لهم جميعا ولأبق أنا بين هذه المقطوعات الموسيقية الرائعة لأحيا قليلا في اليوتوبيا الموسيقية .